الإفراط في صبغات الشعر: جمال مؤقت أم خطر دائم؟

الصورة لتعبير من Google 

صبغات الشعر أصبحت جزءًا لا يتجزأ من روتين التجميل للعديد من الأشخاص حول العالم، فهي تمنح المظهر الجذاب وتساعد في إخفاء الشيب، وتعكس شخصية الفرد من خلال الألوان والتدرجات المختلفة. غير أن الاستخدام المتكرر والمفرط لهذه الصبغات لم يعد مسألة جمالية فقط، بل تحول إلى قضية صحية وجمالية تستدعي الانتباه.

تعتمد معظم الصبغات على مواد كيميائية قوية، مثل الأمونيا، بيروكسيد الهيدروجين، والبارافينيلين داي أمين (PPD)، والتي تعمل على فتح الطبقة الخارجية للشعرة لتسمح للصبغة بالتغلغل وتغيير اللون. هذه المواد، رغم فعاليتها في التلوين، تحمل مخاطر متعددة: تهيج الجلد، حساسية فروة الرأس، تساقط الشعر، تقصف الأطراف، وحتى تأثيرات صحية عامة قد تظهر على المدى الطويل. (pmc.ncbi.nlm.nih.gov)

أشارت جمعية السرطان الأمريكية إلى أن بعض مكونات صبغات الشعر تصنف ضمن المركبات المحتملة المسرطنة، خاصة عند الاستخدام المهني الطويل الأمد، مثل مصففي الشعر في الصالونات. (cancer.org)

في هذا المقال، نستعرض المخاطر الصحية والجمالية المرتبطة بصبغات الشعر، ونحلل تأثير المواد الكيميائية، الحساسية، تساقط الشعر، الأعراض الصحية العامة، ونقدم نصائح عملية للحماية والعناية بالشعر، بأسلوب صحفي تحليلي يشبه مقالات الجزيرة الإخبارية.


المكونات الكيميائية في صبغات الشعر وأضرارها على فروة الرأس

يُعتبر فهم مكونات الصبغات الكيميائية أمرًا أساسيًا لتقييم المخاطر المرتبطة بها. غالبًا ما تحتوي الصبغات على مجموعة من المواد الفعالة، أبرزها:

  • الأمونيا (Ammonia): تُستخدم لفتح الطبقة الخارجية للشعر لتسهيل دخول الصبغة. ومع ذلك، فإن الأمونيا قد تسبب تهيج الجلد، حرقة فروة الرأس، وانزعاجًا في العينين إذا ما لامست الأبخرة الجلد أو استنشقت. (pubs.acs.org)

  • بيروكسيد الهيدروجين (Hydrogen Peroxide): يُستخدم لتفتيح لون الشعر أو تعديل لونه، لكنه يعمل على تجريد الشعر من الزيوت الطبيعية وحماية الطبقة الخارجية، ما يؤدي إلى جفاف الشعر وزيادة هشاشته وتقصفه.

  • PPD (Para-phenylenediamine): مادة فعالة في الصبغات الداكنة، لكنها الأكثر تسببًا للحساسية الجلدية. التعرض المستمر أو الاستخدام المتكرر قد يؤدي إلى طفح جلدي، حكة، تورم حول العينين أو الوجه، وأحيانًا ردود فعل شديدة تتطلب عناية طبية. (dermnetnz.org)

  • المعادن الثقيلة والمركبات المضافة: بعض الصبغات تحتوي على معادن وأملاح قد تتراكم في فروة الرأس مع مرور الوقت، مسببة التهابات أو تهيجًا طويل الأمد.

تشير الدراسات إلى أن الجمع بين هذه المواد الكيميائية، خاصة عند الاستخدام المتكرر أو في صبغات التفتيح القوية، يزيد من خطر التهيج وتساقط الشعر، ويضعف الحاجز الطبيعي لفروة الرأس، مما يجعلها أكثر عرضة للالتهابات والعدوى الثانوية. (mdpi.com)

يؤكد خبراء الجلدية أنه يجب توخي الحذر عند اختيار الصبغات، وفحص المكونات، وتجنب الإفراط في الاستخدام لتقليل المخاطر المحتملة.


الحساسية الجلدية وتهيج فروة الرأس

الحساسية تجاه صبغات الشعر تمثل أحد أبرز المخاطر الصحية المرتبطة بها. تظهر أعراض الحساسية عادة بعد دقائق أو ساعات من التعرض، وتتراوح بين الخفيفة والشديدة:

  • احمرار الجلد وحكة شديدة: غالبًا ما تظهر في فروة الرأس وخط الشعر والرقبة وخلف الأذنين.
  • تورم حول العينين أو الوجه: قد يحدث في حالات التحسس الشديد، ويستلزم التدخل الطبي الفوري.
  • طفح جلدي أو فقاعات: أحيانًا تظهر بثور صغيرة على الجلد نتيجة التهيج.

أظهرت الدراسات أن PPD والمواد الكيميائية الأخرى في الصبغات هي السبب الأكثر شيوعًا للتحسس. يمكن أن يتطور التحسس حتى عند الأشخاص الذين استخدموا الصبغة لسنوات دون مشاكل، حيث تظهر الأعراض فجأة بعد تعرض متكرر. (ijdvl.com)

كما تشير الدراسات إلى أن التهيج المستمر يمكن أن يضعف حاجز الجلد الطبيعي، ويجعل فروة الرأس أكثر عرضة للعدوى أو الالتهابات البكتيرية والفطرية. لذلك ينصح الخبراء بإجراء اختبار حساسية (patch test) قبل كل استخدام، والحد من التكرار، واختيار صبغات أقل حساسية.


تساقط الشعر وتقصفه: الثمن الخفي للجمال

إلى جانب التأثيرات الجلدية، فإن المواد الكيميائية في الصبغات تؤثر مباشرة على صحة الشعر نفسه. تضعف هذه المواد بنية الشعرة الداخلية والخارجية، مما يؤدي إلى:

  • ضعف بصيلات الشعر: يزيد من احتمالية تساقطه ويقلل من كثافته على المدى الطويل.
  • تقصف الأطراف وجفاف الشعر: يجعل الشعر هشًا وأكثر عرضة للكسر عند التسريح أو التصفيف.
  • فقدان اللمعان الطبيعي: يعطي مظهرًا باهتًا ومتعبًا للشعر حتى بعد صبغه.

الدراسات تشير إلى أن الاستخدام المتكرر لصبغات التفتيح القوية يؤدي إلى تلف شديد للبنية الداخلية للشعر، مما يتطلب تدابير وقائية مثل ماسكات الترطيب وزيوت التغذية الطبيعية لتعويض الضرر. (dovepress.com)


الأعراض الصحية العامة

لا تقتصر أضرار صبغات الشعر على فروة الرأس والشعر فقط، بل تمتد إلى الصحة العامة في بعض الحالات:

  • أعراض تنفسية: استنشاق الأبخرة الكيميائية قد يسبب كحة، حرقة في العينين، صداع، وإرهاق.
  • أعراض شبيهة بالإنفلونزا: بعض المستخدمين قد يشعرون بالإرهاق أو الغثيان بعد التعرض المطول للبخار الكيميائي.
  • المخاطر طويلة الأمد: تشير بعض الدراسات إلى ارتباط استخدام الصبغات لفترات طويلة في بيئة صالونات الشعر ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان المثانة أو الدم. (sciencedirect.com)

لذلك يجب التعامل مع صبغات الشعر بحذر، خاصة عند الاستخدام المتكرر أو في بيئات غير مهواة، لتجنب تأثيرها على الصحة العامة.


نصائح عملية للحماية والعناية بالشعر

لتقليل المخاطر الصحية والجمالية المرتبطة بصبغات الشعر، ينصح الخبراء بـ:

  1. إجراء اختبار حساسية قبل الاستخدام للتأكد من عدم وجود تحسس.
  2. اختيار صبغات خالية من PPD أو منخفضة الأمونيا، ويفضل اختيار الصبغات النباتية أو العضوية.
  3. الحد من التكرار وتجنب التفتيح المتكرر القوي.
  4. تحسين التهوية أثناء الصبغ لتقليل استنشاق الأبخرة الكيميائية.
  5. استخدام ماسكات وزيوت طبيعية بعد الصبغ لتعويض الرطوبة وحماية الشعر.
  6. مراجعة أخصائي الجلدية فورًا عند ظهور أي أعراض غير طبيعية مثل الحكة أو تورم فروة الرأس. (isrctn.com)

بين الجمال المؤقت والمخاطر الصحية، يقف المستخدم أمام قرار صعب عند اختيار صبغات الشعر. الإفراط في الاستخدام قد يمنحك ألوانًا جذابة، لكنه قد يكلفك صحة شعرك وفروة رأسك. من خلال الوعي بالمكونات الكيميائية، اتباع التعليمات، والاعتماد على نصائح الخبراء، يمكن تحقيق توازن بين الجمال والسلامة. فالعناية بالشعر لا تقتصر على اللون فقط، بل تشمل الحفاظ على صحته وبريقه الطبيعي على المدى الطويل.



'; (function() { var dsq = document.createElement('script'); dsq.type = 'text/javascript'; dsq.async = true; dsq.src = '//' + disqus_shortname + '.disqus.com/embed.js'; (document.getElementsByTagName('head')[0] || document.getElementsByTagName('body')[0]).appendChild(dsq); })();